||

مُعلِم الحرب


للحروب والنزاعات المسلحة تاريخ قديم قدم الإنسانية علي هذه الأرض. ولما كانت النفس البشريه دومًا ما تحيد عن الدرب الذي رسمه لها خالقها سعيًا وراء أطماعًا زائلة، فإن ذلك قد أدى لنشأه الحروب والصراعات. ومهما طالب العالم بأسره العيش في سلام، ومهما حمل الحمام أغصان الزيتون، ستظل الحروب امرًا واقعًا ونقطةً سوداء في تاريخ البشرية. ولعلنا الأن نتذكر أول قتال بالمعنى العام في التاريخ، ذلك الذي قام به قابيل ضد أخيه هابيل.

لقد عرف أباؤنا الأولين الحرب كما نعرفها نحن اليوم، وقد دعتهم الحاجة إلى البحث في أصول الحرب وأساليبها رغبتًا في الوصول إلى النصر بأقل الخسائر. وعلى ذلك قد وضع كلًا منهم مبادئ الحرب إستنادًا لمعاييره وأهدافه. ومن بين تلك الشخصيات التي كانت لها سبق البحث في اصول الحرب، أحتل القائد العسكري الصيني سون تزى المرتبة الاولى بجدارة ولقب فيما بعد "بمعلم الحرب" وذلك لوضعه أول مخطوط يبحث في اساليب الحرب وأصولها، انه كتاب "فن الحرب".

ولد سون تزى عام ٥٥١ قبل الميلاد في له آن بمملكة تشي (مقاطعة شاندونغ حاليًا)، وقد شهد نهايه عصر الربيع والخريف وبدايه عصر الممالك المتحاربه وما طرأ في ذلك الوقت من تغيرات على المجتمع الصيني وتحوله من مجتمع العبيد إلى المجتمع الإقطاعي.

رحل سون تزى إلى مملكة وو في الشرق ( شنغهاي حاليًا) وهناك بدأ وضع المسودة الأولى لكتابه "فن الحرب". وقد ذاع صيت سون تزى بسبب عبقريته العسكرية حتى بلغت كتاباته حد الملك الذي قام بقراءه الـ ١٣ مقالة التي كتبها سون تزى حول فن الحرب.

اعجب الملك بنظريات الحرب التي وضعها سون تزى حتى انه استدعاه كي يقوم بإختبار نظرياته هل اذا ما كان من الممكن تطبيقها عمليًا. قام سون تزى على الفور بتجميع حوالي ١٨٠ إمرأة من حريم القصر وقسمهن إلى مجموعتين وأسند قياده كل مجموعة لإحدى المحظيات. وشرح لهم ان كل المطلوب منهم هو تنفيذ أوامره. وبدأ سون تزى بإعطاء اوامره وماكان من الجواري إلا الضحك وعدم تنفيذ الأوامر. هنا أستدعى سون تزى القاضي العسكري وسأله عن عقوبة مخالفه الأومر العسكرية فأخبره بأنها قطع الرقبة، وعلى الفور قام بتنفيذ العقوبة في قائدتي المجموعتين. بعد ذلك اختار سون تزى امرأتين لتتولى قياده المجموعتين ثم أمر باستنأف التدريب، فجعل يصدر اوامره ولكن في تلك المرة لم تجروء اي جارية على الضحك وقاموا بالتدريب دون المخاطرة بإصدار صوت. كل ذلك كان على مرأى ومسمع من الملك الذي تيقن من قدرة سون تزى علي قياده الجنود فأمر على الفور بتعيينه قائدًا لجيوش المملكة.


اهتم سون تزى بتدريب الجنود وصقل مهاراتهم العسكرية وتوسيع أطراف المملكة، ولكن مع توالي انتصارات المملكة إزداد غرور الملك وعناده مما جعله لا يستمع لمقترحات الأخرين، هنا قرر سون تزى ترك منصبه والعيش في قرية صغيرة وهناك استكمل كتابه وعدله.

عن الكاتب: Amr

----"مدون مهتم بكل أبعاد التجربة الصينية، حاصل على ليسانس الآداب من جامعة القاهرة عام 2008، ثم الماجستير من جامعة لانجو الصينية في عام 2012."
    Blogger Comment
    Facebook Comment