||

حقائق لا تعرفها عن حرب الأفيون الأولى

يزخر تاريخ البشرية بالكثير من الحروب والصراعات الدموية، فنجد قاموس البشرية لا يتوقف عن إضافة نوع جديد من الحروب كل فترة، والأمثلة كثيرة كـ"الحرب العالمية"، "الحروب الصليبية"، "الحرب على الإرهاب"، "الحرب على داعش"....إلخ، واليوم نلقي الضوء على "حرب الأفيون" فربما لم تسمع عنها من قبل، وربما أيضًا أنك لا تعرف عنها شيء أكثر من كونها مجرد حرب قامت في الصين بسبب تجارة الأفيون.

ترجع تسمية حرب الأفيون بهذا الاسم إلى الأسباب المباشرة التي أدت إلى تأجج الصراع الصيني الإنجليزي. ووللحديث عن الأفيون، فقد كان معروفًا في الأمبراطورية الصينية منذ القدم، إلا أن إستخداماته حينذالك كانت في الأغراض الطبية فقط. وقد أستمر الوضع على ذلك حتى وصل الغربيون إلى البر الصيني وبدأوا في التواصل مع الصينين بقصد التجارة في القرن السابع عشر، فأخذت تلك السلعة تظهر تدريجيًا على يد التجار الهولنديين والبرتغاليين بقدر محدود، ثم مالبثت أن دخلت إنجلترا إلى الميدان فأدخلوا تلك السلعة بكميات كبيرة.

وعلى الرغم من علم التجار بخطورة هذا الجرم في حق الشعب الصيني، إلا أنهم لم يأبهوا له، فقد كانت الأرباح الضخمة وحدها هي التي تحركهم، مماجعل كل أقاليم الصين تقريبًا تنكب على الأفيون، ومن هنا هبطت العزائم وتراخت القوى، ودب العجز الفكري والبدني في صلب تلك الأمة. وبذلك سميت الحرب بهذا الاسم. ومع ذلك فهناك أسباب أخرى أدت لقيام تلك الحرب أهمها:
1.      الرفض المتكرر من جانب الصين للإنفتاح وعدم التجاوب مع العروض الإنجليزية فيما يتعلق بتحرير القيود التجارية، فقد كانت الصين في ذلك الوقت تتبنى سياسة الإنغلاق والإكتفاء الذاتي وعدم الحاجة إلى الخارج.
2.      الرفض القاطع من جانب الصين تجاة كل محاولات إنجلترا لتبادل التمثيل الدبلوماسي بين البلدين.

نعود إلى الأفيون مرة أخرى، لقد عمدت شركة الهند الشرقية الإنجليزية إلى إغراق جنوب الصين بالإفيون عن طريق مدينة كانتون في القرن الثامن عشر. ورغم كل القيود الصارمة لمنع تلك التجارة إلا أنه كان يتم تهريبه على نطاق واسع.

والجدير بالذكر أن شركة الهند الشرقية التي سيطرت على التجارة مع الصين لم تكن ترغب في دفع أموالا نقدية نظير شرائها للحرير والشاي من الصين، فلجأت إلى التواطئ مع حكام قوانغدونغ لتهريب الأفيون إلى هناك من أجل نهب الثروات الصينية عن طريق تبادل الأفيون بالمنتجات الصينية.

وتبدأ تصاعد الأحداث مع إنزاعج القصر من تفاقم مشكلة الأفيون في الجنوب ومن ثم إرسال مندوبه "لين تزة هسو" 林则徐 للسيطرة على الوضع هناك. وما إن وصل لين تزة هسو إلى هناك حتى أصدر أوامره إلى جميع الأجانب بتسليم مافي حوزتهم من أفيون وتوقيع تعهدات بعدم الإشتراك في تلك التجارة. وبالفعل قد تمكن لين تزة هسو من إرغام الأجانب على تسليم ما يقرب من 20 ألف صندوق قام على الفور بإحراقهم، وإعلان توقف ذلك النوع من النشاط التجاري.

وقد أذعن لتلك الأوامر جميع الأجانب فيما عدا إنجلترا التي طالبت تجارها بمغادرة مدينة كانتون الذين عملوا بعد المغادرة على إستفزاز الصينين. فقد أشترك البحارة الإنجليز في أحداث شغب في 7 يوليو 1839 أسفرت عن مقتل أحد الصينين. ومع رفض الحكومة الإنجليزية تسليم المتهمين، بدأ تبادل إطلاق النار بين السفن الصينية والإنجليزية، وهكذا بدأت حرب الأفيون "الأولى" فعليًا. وعرضت إنجلترا شروطها لوقف إطلاق النار وهي:
1.      أن تدفع الصين قيمة الأفيون الذي تم إعدامه.
2.      معاملة الموظفين الإنجليز معاملة لائقة.
3.      تنازل الصين عن إحدى جزرها لضمان الأمن التجاري للإنجليز وتجارهم.

وأمام تلك الشروط المجحفة لم يكن للصين بدًا من الرفض، فقام الإنجليز بمحاصرة مدينة كانتون كوسيلة للضغط، لكنها لم تفلح. فقاموا بقصف المدينة بالقنابل في يناير عام 1841.

وبسبب عدم التكافؤ في الناحية العسكرية، لاقت الصين هزيمة ساحقة، وتم إحتلال كانتون وشنغهاي. وفي 29 أغسطس عام 1842 تم توقيع سلسلة من المعاهدات الظالمة للصين أشهرها معاهدة نانكينغ والتي كان أهم شروطها:
1.      تدفع الصين 21 مليون دولار منها 6 ملايين تعويضًا عن الأفيون، وثلاثة ملايين ديون مستحقة على هونغ كونغ والباقي تكاليف الحرب.
2.      يستولي الإنجليز على ميناء هونغ كونغ.
3.      تفتح الصين موانيها الخمس أمام التجارة الإنجليزية.
4.      إستثناء الإنجليز من تطبيق القوانين الصينية ومعاملتهم بموجب قانون بلادهم على الأراضي الصينية.
5.      ابعاد السيد لين تزة هسو


وبالنظر لشروط تلك المعاهدة نقول أنه لا عزاء لتجارة الأفيون التي لم تذكر نهائيًا في بنود المعاهدة. وبمجرد أن أعلنت الصين قبول شروط تلك المعاهد حتى بدأت الدول الإستعمارية الأخرى تتكالب عليها في مقدمتهم فرنسا، بلجيكا، السويد...إلخ.

عن الكاتب: Amr

----"مدون مهتم بكل أبعاد التجربة الصينية، حاصل على ليسانس الآداب من جامعة القاهرة عام 2008، ثم الماجستير من جامعة لانجو الصينية في عام 2012."
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 comments :

إرسال تعليق